news-1

الشَّخصيّة الانْطوائِية .. مَشاكِل وَحُلول

هَل يُعانِي طِفلُكَ مِنَ الصَّمتِ الطَّويل؟ هَل يُواجِه صُعوبَاتٍ كَبيرة فِي الاندِمَاجِ معَ الآخرين ؟ مَاذا عَنْ قِلَّة تَفاعُلهِ فِي الأنشِطةِ المُجتَمَعيَّةِ المُختلفة؟ هَل يَشعُر طِفلكِ بِرغبَةٍ جَامِحةٍ فِي الانعزَالِ وتَجنُّب الغَير؟ إذا اجتمعَت هذِه الصِّفات، فَعليكَ بِدء التَّحرك سَريعاً، فَأنتَ أمَامَ طِفلٍ انْطِوائِي

يَعرِف الطِّفل الانْطوائِي بِأَنَّهُ ذَلكَ الطّفل الذِّي يُفضِّل الجُلوسَ وَحيداً فِي الظِّل، مُبتعداً عَنْ الانخِراطِ فِي أيةِ فَعالياتٍ وَأنشطَةٍ مُجتمعيةٍ، خشيةَ الالتقَاءِ بِالآخرين خَاصَّة مِن أولَئكَ الذِّينَ يُماثلونَهُ فِي العُمر، وَالسَّبب انْعدامُ الثِّقةِ الدَّاخليةِ وَغِيابُ القُدرةِ عَلى إثباتِ الذَّات.

وترجِع أسبابُ الانطوائيةِ إلَى مَجموعة مِنَ العَوامِل أبرزُهَا تلكَ التِي تتعلقُ بالجوانِب النَّفسيةِ والتَّربويةِ وَالوراثيةِ والبيئيةِ، ولَا يَشترطُ الخُبراء اجتماعَ هذِه العَوامل سوية لِخلقِ شَخصيةٍ انطوائيةٍ، بَل يَكفي تَوفر واحِد مِنها مِنْ أجلِ بِناءِ اضطرابَاتٍ حَادة دَاخلَ طِفلكَ الصَّغير.

لكِن مَاذا عَنْ الأعراض؟ لَا يَكفِي بَقاءُ الطِّفل فِي غُرفتِه مُنعزلاً لِلقولِ أنَّه يُعانِي مِن شَخصيةٍ انطوائيةٍ، فَهؤلاءِ يُعانون مِنْ أعراضٍ أخرَى أبرزُها الكذِب المُتواصِل، عَدمُ احترام الآخرين، عَدم القدرة عَلى التَّحدثِ بصورةٍ سليمةٍ، تَجاوز القَوانين وَالمُحدِّدات التِّي وَضعَها الأبوين، انتِهاكُ حُقوقِ الغَير، الاعتداءُ عَلى مَنْ هُم أصغرُ سِناً، الفَشل المُتكرّر خَاصةً فِيما يَتعلَّق بِالجوانِب التَّعليميةِ، غِيابُ العَاطفةِ، الاندفاعُ نَحوَ المُخاطرةِ دونَ مُراعاةٍ للعَواقِب والمَخاطِر، عدَم تَحمُّل المَسئوليات والاتِّصاف بِاللا مُبالاة المُستمرة.

يبقَى السُّؤال، مَا هِي عَلاقةُ الانطوائيةِ بالتَّطور التِّكنولُوجي؟ لَقد قَام العَديدُ مِنَ البَاحثين بِإضافَة العَامِل التِّكنُولوجِي إلَى سِلسلةٍ طويلةٍ مِنَ المُسبّبات التِّي تَخلق الشخصيةَ الانطوائيَّة، فَتعلُّق الأطفال الزَّائِد عَنِ الحدِّ بِالأجهزةِ الالكترونيّةِ الحَديثةِ يقودُهم إلَى مُستقبلٍ لا يُبشرُّ بِخير.

إنَّ العَالَم المُتطوّر، زَادَ مِنْ حدَّةِ الأمراضِ النَّفسيةِ وقَسوَتِها، فلَم يَعد الأبوين قَادِرين عَلى المُتابعةِ الدَوريةِ لمُستقبلِ أبنائِهم بِفعلِ انشِغالِهم فِي العَمل، وانخِراطِهم فِي اهتمَاماتٍ أخرَى، وسطَ تَفكُّكٍ أسُرِي قَلَّل منْ فُرصِ التِّقاءِ أفرادِ الأسرَةِ عَلى مَائِدةٍ واحدةٍ بصورةٍ يومية.

غِيابُ الثِّقةِ بينَ الآباءِ والأبناءِ مَع تَضاؤُل فُرصِ بِناءٍ حديثٍ مثمرٍ بينَ الطَّرفين، إضافةً إلَى تَضاعُف حِدَّة الفَجوةِ النَّاتِجةِ عَن التَّطورِ التِّكنُولوجِي، كُلُّها أسباب زَادَت مِن اتِّجاهِ الأبناء نحوَ الأجهزةِ التِّكنُولوجِيةِ الحَديثةِ، وَتجاهُل الالتِقاء بِآبائِهم المُعتَمدِين عَلى قَاعدةِ الأوامِر والنَّواهِي فِي التَّربيةِ الحاليَةِ.

ومَع ارتبَاطِ الأبنَاءِ بِالأجهزَةِ الالكترُونيَّةِ الحَديثةِ، أصبَحُوا أقرَب لِعالمٍ افتِراضيٍ خلقتهُ مواقِع التَّواصُل الاجتِماعِي، عَن ذَلِك العَالم الحَقيقِي الذِّي يَمتلئُ فِي نظرِ الكَثيرينَ مِنهُم بِالكذِب وَالنِّفاقِ والجريمَةِ بِأنواعِها، الأمر الذِّي يَخلقُ فِي النِّهايةِ رَابطاً نفسياً وهمياً يبدأ بِإظهارِ شخصيةٍ انطوائيةٍ تَرفضُ هذا العالمَ السَّيِئ.

والآن كيفَ يُمكنُ علاجُ الشخصيةِ الانطوائية؟؟ يمكنُ تحقيق ذَلكَ عبرَ خَطواتٍ لا تُوصف بالسهلَةِ، لَكن وَجبَ الحَديثُ عنهَا لِأهميَّتِها وَالتِّي تَرتكزُ عَلى العِلاجِ النَّفسي، وَتقنين إدمان الأطفال لِلأجهزة التِّكنولوجيةِ الحديثةِ، مَع الاعتمادِ أيضاً علَى العِلاج المَعرِفيّ والعِلاجِ السّلوكِي والعِلاج الدوائِي، ومُتابعةِ المُصابين بِالانطوائية لحظةً بِلحظة وِتحفِيزهِم نَحوَ بناء شَخصية جَديدة قَادرة علَى مُجاراةِ مَا يَملكهُ العَالم ِمن مُميزات دونَ العُيوب.

اترك تعليقك

{{ validation.username[0] }}
{{ validation.email[0] }}
{{ validation.mymessage[0] }}
{{message}}