تَسبَّب التَّطوُّر التكنُولوجِي المُتَلاحِق فِي العَصر الحَدِيث، إِلَى تَراجُع الأدوار التِّي تَلعبُها الأسرَة فِي تَربيَةِ الأبنَاء، فَلَم يَعد الآباءُ والأمهاتُ يَملكونُ ذَات القدرات فِي تَعليم وَتوجِيه الأبناء بِالنَّظر إلَى حَالةِ الانفِتَاح وَالعَولَمةِ التِّي يَعيشُها الإِنسان فِي الوَقت الرَّاهِن.
وَسَبق لِمعهَد الدِّرَاسات التَّربويّة فِي جَامعةِ القَاهِرة، الإعلَان عَن نَتائِج دِرَاسة مُثيرة، أثبَتت أنَّ تَأثير الآباء وَالأُسرَة فِي تَربيةِ الأبنَاء تَراجَع مِن (70%) على (40%)، وهُو الأمر الذِّي يَنطبِق أيْضاً عَلى مُؤسسات التَّعليم الأخرى مِثل المَدرسة والمَسجِد.
ويَرجِع الخُبَراء أسبَاب حَتَّى التراجُع فِي دَور الآباءِ والأمَّهات فِي تَربيةِ أبنَائِهم، لِمَا تَعيشُه المُجتَمعَات العَربيةِ خِلَال الوَقت الرَّاهِن مِن عَولمةٍ تَعكسُ آثاراً سلبيةً فِي بَعضِ الجَوانِب، لَعلَّ أبرَزَها تلكَ التِّي تدفعُ صِغارَ السِّن إلَى البَحث عَن احتياجَاتِهم مِن خِلَالِ جَوانِب تَبتعِد عَن الأسرَة كالانتَرنِت.
وحَذَّرت "وَكالةُ الصِّحةِ العَامة البِريطانية" مِنَ الاستخدامِ الطويلِ لأجهزةِ الحاسوبُ مِنْ قِبلِ الأطفالِ والمُراهقِين، مُوضحةً أنَّ هَذا الأمر يُؤدِّي إِلَى الاضطراب العَاطِفي وَالقَلق وَالاكتِئاب، الذِّي دَفَع الأطفالَ نَحو العُزلةِ والانطواءِ والابتعادِ عَن الأسرَة.
وتَبدُو المُشكلات الأكبَر التِّي تُواجِه الآباءَ والأمهات فِي تَربيةِ أبنائِهم تِلكَ التِّي تَتعلق بِوُجودِ فجوة كَبِيرَة بَينَ الجِيل الحَدِيث وَمَا سَبقهُ مِنْ أجيالٍ مَاضية، بِحيث يُعانِي الوالِدَين فِي الوَقت الرَّاهِن مِن ضَعف فِي القُدرَة عَلَى فَهمِ احتِيَاجَات الأبنَاء خَاصَّة وَأنَّ التَّطور التِّكنُولوجِي شَهدَ تَقدماً مَلحوظاً فِي السَّنوات الأخيرةِ لَم يَعتدْ عَليهِ الآباء.
وَعَليهِ يُمكن القَول أنَّ الآباء يُحاولونَ تَربيةَ أبنائِهم بِطريقَةٍ تَقليديةٍ قَديمة، لَا يَقبلها الأبنَاء مِمَّا يَخلقُ مُشكِلات عِدَّة فِي هَذا الجَانِب، تَدفع الأبناءَ نَحوَ الهُروبِ مِن سَيطرةِ الوَالدين، والبَحث عَن طُرق أخرَى تَحملُ فِي طيَّاتِها الكثيرَ مِنَ الجوانِب السَّلبيةِ كالانترنت.
ومِن خِلَال مَا سَبق يُمكن القَول أنَّ الآباء بِحاجَةٍ مَاسَّة إلَى إعادَة التَّفكِير بِطُرقٍ أكثَر حَداثةً مِن أجلِ تَربيةٍ نَاجحةٍ للأبناء صِغار السِّن، فَالطُّرق التَّقلِيديَّة لَم تَعد تُجدِّي نَفعاً، مِمَّا يَعنِي أنَّهُم مُطالَبين بِالاقتِراب أكثَر مِنَ التّكنُولوجيَا الحَديثَة وَتعلُّم البَعض مِنْ تَفَاصِيلِها، وَالاستِعَانةِ أكثَر بِهَا مِن أجلِ تَربيةِ أبنَائِهم وَالنُّهوضِ بِقدرَاتِهم التَّعلِيميَّةِ وَالأخلاقيَّة بِشكلٍ أكبَر.